الفيفا/قطر: التزموا بتعويض العمال الوافدين الذين تعرضوا للإيذاء

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على "الاتحاد الدولي لكرة القدم" (’الفيفا‘) والسلطات القطرية الاستفادة من أنظمة تعويض العمال الوافدين القائمة في البلاد لإنشاء برنامج تعويض شامل للعمال الذين عانوا من أضرار جسيمة، بما في ذلك الوفيات والإصابات وسرقة الأجور.
قال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "عوّضت قطر بعض العمال الوافدين الذين واجهوا انتهاكات جسيمة، لكن بالنسبة للكثيرين، أنشِأت هذه البرامج بعد فوات الأوان ولا تزال بحاجة إلى تطوير. مع اقتراب موعد البطولة بما يقرب من 100 يوم، من الأهمية بمكان أن تلتزم الفيفا والسلطات القطرية علنا بتقديم التعويضات للعمال وعائلاتهم الذين عانوا من أضرار جسيمة أثناء جعل كأس العالم ممكنا".
قابلت هيومن رايتس ووتش 16 عاملا وافدا من دول مختلفة و13 شخصا آخرين من شركات وهيئات حكومية على دراية ببرامج التعويض القائمة والفجوات الحالية. أشارت الأبحاث إلى أن برنامج تعويض شامل وواسع النطاق يمكن أن يستفيد من السجلات الحالية وخطط التعويض في كل من قطر وبلدان المنشأ، حتى لو كانت هذه البرامج غير كافية بحد ذاتها لمعالجة حجم الانتهاكات.
على الفيفا وقطر الالتزام فورا بتقديم التعويضات وبدء المناقشات التي طال انتظارها حول برنامج إصلاح شامل وتشاركي في إطار تشاور وثيق مع حكومات البلدان الأصلية، والنقابات العمالية، وممثلي العمال، و"منظمة العمل الدولية"، والمجتمع المدني.
يمكن أن يكون للتعويض المقدم فوائد كبيرة جدا للعمال المهاجرين وأسرهم. تحدث إلينا أحد المستفيدين من صندوق دعم العمال والذي تعرض لسرقة أجره لأكثر من ستة أشهر: "عندما تلقيت مكالمة غير متوقعة [من السلطات القطرية] للحضور لاستلام الشيك [للأجور غير المدفوعة] بعد شهور من المتابعة، لم أستطع أن أصدق ذلك". قام فورا بتحويل الأموال إلى أسرته التي اقترضت لتعليم أولاده وعلاج والديه. أضاف: "سواء كان الأمر بالسير ذهابا وإيابا في الحرّ إلى محكمة العمل [في قطر]، لأنه لا يمكنني تحمل أجرة التاكسي، أو العجز الذي شعرت به مع تراكم القروض في بلدي، حتى أنني فكرت في الانتحار. كانت وجوه أفراد عائلتي، وخاصة والدتي، هي ما جعلتني أستمر خلال تلك الأوقات العصيبة". لكنه قال إنه وحده فقط من بين أربعة عمال مهاجرين من شركته تم تعويضه عن نفس سرقة الأجر، أما زملاؤه الثلاثة ما زالوا ينتظرون.
قطر مُلزمة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بمنع انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع وضمان الإنصاف عن كل انتهاك يقع على أراضيها. لدى الفيفا أيضا التزامات واضحة بموجب قوانينها ومسؤولياتها بموجب "" لمعالجة الانتهاكات التي ساهمت فيها.
قال بَيْج: "من الضروري للفيفا وقطر تعويض العمال الوافدين أخيرا عن الانتهاكات التي عانوا منها. إن لم يفعلوا ذلك، فسيتذكر الناس كأس العالم 2022 لإرثه في التقاعس عن معالجة الانتهاكات العمالية وانتهاكات حقوق الإنسان".
بالإضافة إلى ذلك، كان وصول العمال الوافدين إلى هذه البرامج محدودا، إما بسبب نطاقها الضيق أو ضعف التنفيذ. توظف مشاريع اللجنة العليا أقل من 2% من إجمالي القوى العاملة الوافدة في قطر، مع امتداد محدود إلى العاملين من خارج اللجنة العليا الذين يتم توظيفهم عن طريق مقاولين ممتثلين. حتى بين مقاولي اللجنة العليا، كان اعتماد خطط التعويضات متفاوتا.
بالنسبة لبرامج مثل صندوق دعم العمال، فإن الافتقار إلى المعلومات أو الخوف بين الضحايا من انتقام صاحب العمل، فضلا عن التأخير والغموض في اتخاذ القرار بشأن كيفية وشروط تأهل العمال للحصول على تعويض قد أعاق حصول العاملين على الخدمات. بناء على مقابلات وأبحاث سابقة أجرتها هيومن رايتس، تعني معدلات الاستبعاد المرتفعة لهذه البرامج الحالية أن العديد من العمال المهاجرين الذين هم ضحايا سوء المعاملة غالبا ما يعودون إلى ديارهم دون تعويض. بمجرد عودتهم إلى أوطانهم، يصبح وصول العمال الوافدين إلى أنظمة التعويض في قطر أصعب بكثير.
تمثل برامج الرعاية الاجتماعية التي وضعتها حكومات العمال الوافدين العائدين وعائلاتهم الملاذ الأخير للعديد منهم، خاصة فيما يتعلق بالانتهاكات التي تؤدي إلى الوفاة والإصابة. غالبا ما تُستخدم "صناديق رعاية المهاجرين" في العديد من البلدان الأصلية للمهاجرين لتمويل برامج الرعاية هذه. مع ذلك، غالبا ما يكون هذا الدعم مشروطا بتصاريح عمل سارية المفعول، والتي لا يمتلكها جميع العمال الوافدين. علاوة على ذلك، يتباين مستوى وشمولية البلدان الأصلية للعمال الوافدين تفاوتا كبيرا. مع ذلك، يمكن للسجلات المتاحة التي جُمِعت في السفارات والقنصليات وإدارات رعاية المهاجرين في البلدان الأصلية ودروس التنفيذ المستفادة من مخططات الرعاية هذه أن تساعد في تصميم وتنفيذ برنامج تعويض شامل من قبل الفيفا وقطر.
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع 16 عاملا وافدا من جنسيات مختلفة حول تجربتهم مع برامج التعويض الحالية، بينهم عشرة استفادوا من مبادرات الحكومة القطرية أو اللجنة العليا وستة قالوا إنهم لم يحصلوا على أي تعويض.
قابلت هيومن رايتس ووتش أيضا ثلاثة مقاولين يعملون مع اللجنة العليا، وأربعة مسؤولين سابقين وحاليين بسفارات الدول الأصلية، وثلاثة من قادة منظمات المجتمع المدني ممن يعملون على قضايا المهاجرين في البلدان الأصلية، وثلاثة صحفيين يغطون قضايا العمال الوافدين في بلدانهم الأصلية.
اجتمعت هيومن رايتس ووتش أيضا باللجنة العليا ووزارة العمل، اللتين وفرتا معلومات عن العمال الوافدين الذين حصلوا على تعويضات، وممثلي الشركات التي تبنت خطة السداد الشاملة للجنة العليا. قدمت وزارة العمل أيضا بعض الردود الخطية على الأسئلة المتعلقة ببرنامج تعويضات الوزارة.
قال: "كان [زوج شقيقتي] غائبا لمدة خمس سنوات ولم يتمكن من رؤية ابنته التي ولدت قبل مغادرته إلى قطر مباشرة تكبر. كان بصحة جيدة لكنه توفي فجأة بنوبة قلبية". استخدمت الأسرة التأمين لشراء أرض وتقوم الآن ببناء منزل. أموال التعويض ليست كافية لتغطية نفقاتهم اليومية وتعليم ابنته، لكنها على الأقل توفر ممتلكات تقدم ضمانا ماليا على المدى البعيد.
لكن هيومن رايتس ووتش وجدت أن العائلات نادرا ما تحصل على تعويضات عن الوفيات التي لا تعتبر مرتبطة بالعمل.[i] قال ابن عامل وافد من بنغلاديش توفي في قطر بعد أن عاش هناك لأكثر من 20 عاما إن عائلته تلقت 35 ألف تاكا (371 دولار) للمساعدة في أجور الدفن وبعد ذلك 300 ألف تاكا (3,181 دولار) من الحكومة البنغلادشية.
قال: "بدعم [الحكومة البنغلادشية] ... اشترينا الأرض. لم نتلق أي شيء من الحكومة القطرية. من المحزن أنني فقدت والدي، لكنه قضى حياته كلها في قطر وبذل الكثير من الجهد في تشييد الكثير من المباني هناك. مقارنة بالجهود المبذولة، أود أن أقول إن والدي تعرض للخداع من قطر".
في تقرير صدر في 2020، وثّقت هيومن رايتس ووتش أن أصحاب العمل وشركات توريد العمالة في قطر كثيرا ما يؤخرون أجور العمال، أو يحجزونها، أو يخصمون منها تعسفا. غالبا ما تحجز الشركات مدفوعات العمل الإضافي المضمون بموجب العقد ومستحقات نهاية الخدمة، وينتهكون بانتظام عقودهم مع العمال الوافدين دون عقاب. في أسوأ الحالات، قال العمال إن أصحاب العمل توقفوا ببساطة عن دفع أجورهم، وكثيرا ما عانوا لشراء الطعام.
لم يُفعّل صندوق دعم العمال إلا في 2020، وبناء على بيانات قدمتها وزارة العمل في يوليو/تموز 2022، قدم الصندوق تعويضات لـ 36,373 عاملا من 17 جنسية، داخل وخارج قطر، بإجمالي 597,591,986 ريال قطري (164 مليون دولار).
من الصعب معرفة إلى أي مدى تعامل هذا البرنامج مع نطاق سرقة الأجور. لم تقدم الوزارة معلومات عن العدد الإجمالي للحالات المعلقة، ولا يوجد تقدير لعدد ضحايا انتهاكات الأجور الذين لم يقدموا شكاوى رسمية خوفا من الانتقام أو لنقص المعلومات، من بين أسباب أخرى. مع ذلك، يُحتمل أن تكون البيانات منذ 2015 متاحة من نظام حماية الأجور، لأنه يراقب رواتب العمال ويُظهر إشعارات عندما تكون المدفوعات غير دقيقة أو متأخرة.
بالنسبة للعمال الوافدين المستفيدين بالفعل من صندوق دعم العمال، يمكن استرداد الأجور بالتحويل. أبلغ صاحب عمل كذبا عن أحد المستفيدين بأنه هارب عندما أراد العودة إلى بلده بسبب وفاة والده. عندما علم أنه سيحصل على أجره المسروق من خلال صندوق دعم العمال قال: "شكرت الله واتصلت بأمي، أخبرتها أنني سأرسل لها المال كله لتنفقه على ما تحتاجه. كانت فترة صعبة عليها بعد وفاة والدي".
يتكبد العمال أيضا تكاليف استرداد الأجور غير المدفوعة. لا تتطلب لجنة فض المنازعات العمالية ولا صندوق دعم العمال تعويض العمال عن تكاليف النقل والتوثيق أثناء العملية. قال عامل وافد إنه لم يستطع دفع الرسوم المدرسية لأبنائه لأنه لم يستلم أجر ثلاثة أشهر ولا مكافأة نهاية الخدمة. ذهب إلى المحكمة وربح قضيته، لكن المحاكم لم تتمكن من إجبار أحد على دفع الأجور لأن كل من اعتُبر مسؤولا كان قد فر من البلاد. تلقى في النهاية جزءا من أجره المسروق من صندوق دعم العمال بعد ستة أشهر من تقديمه للمطالبة، وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه ممتن للحكومة على المساعدة في استرداد أجره. إلا أنه أشار أيضا إلى أن نصف الأموال المستردة صُرفت لتغطية نفقات تنقله بين المحاكم القطرية والهيئات الحكومية طوال ثلاث سنوات. كما أنه استنفد وقت إجازاته في وظيفته الجديدة للذهاب شخصيا للنضال من أجل استرداد أجره المسروق. قال إنه للتعامل مع بيروقراطية منازعات الأجور: "الأمر سهل إذا كنت مدركا ومتعلما، لكن ليس كل شخص لديه مرونة (كافية) لتعلم كيفية التعامل مع هذه الأنظمة".
تابعت هيومن رايتس ووتش أيضا مع العمال الذين واجهوا سرقة متكررة للأجور أثناء عملهم في شركة "بن عمران للتجارة والمقاولات" وكتبت مرارا إلى الفيفا بشأن سرقة الأجور من مقاول الفيفا هذا. قال العمال إن عملية التعويض كانت متفاوتة وجزئية للكثير منهم.
قال أحد العمال: "لحسن الحظ، حصل معظمنا على رواتبنا الأساسية المتأخرة، والتي نعتمد عليها لسداد القروض وتغطية نفقاتنا، بينما نتقدم لوظائف جديدة، لكننا لم نستلم راتب فترة الإشعار أو مكافآت نهاية الخدمة التي نستحقها بالقانون، والتي ستكون مبلغا كبيرا لمن عملوا منا في الشركة لسنوات عديدة. لا نعرف ما إذا كانت ستُدفع لنا ومتى".
قال عامل آخر إن شركة أخرى كانت مدينة له بأجور عدة أشهر تعود إلى ما قبل 2020. رغم حكم المحكمة الذي منحه حق الحصول على أكثر من 60 ألف ريال قطري (16,479 دولار أمريكي)، لم تتمكن المحكمة من إجبار الشركة على الدفع لأن تسجيل الشركة قد تغير. قدم شكوى إلى صندوق دعم العمال منذ أكثر من ستة أشهر ولم يستلم تعويضه بعد. أثّرت المحنة المستمرة منذ أربع سنوات على صحته: "أصبت بقصور في القلب. أنا بحاجة ماسة إلى المال لإجراء عملية جراحية". كان يتابع بشكل متكرر مع صندوق دعم العمال وقيل له إن الأولوية تعطى الآن لمن يدين لهم بأقل من 20 ألف ريال قطري (5,493 دولار أمريكي).
خلصت مقابلات أجرتها هيومن رايتس ووتش وأبحاث سابقة إلى أن العديد من العمال ينتظرون أنظمة التعويض دون جدوى ويعودون في النهاية إلى ديارهم، خاصة بعد نفاد المدخرات. قال عامل كان قد غادر قطر دون استلام أجور سبعة أشهر: "عندما أصبحت نفقات الحياة في قطر فوق طاقتنا رغم الدعم الخيري للطعام، قررنا العودة. كنت محبطا في رحلة العودة. عادة ما تكون العودة للوطن مناسبة سعيدة عندما نحضر الهدايا لعائلاتنا. بدلا من ذلك، عدت خالي الوفاض دون أي مدخرات بواسطة تذكرة اشترتها عائلتي بأموال مقترضة".
بعد أكثر من عام ونصف من الانتظار، حصل أخيرا على الشيك المتأخر عن طريق سفارة قطر. قال: "كان الأمر كالحلم. تمكنت مع التعويضات من الخروج من مصيدة الديون الذي كانت عائلتي عالقة فيه لسنوات".
قال عامل آخر عمل لدى المقاول نفسه وحصل على تعويضه أيضا عن طريق سفارة قطر في بلده: "دفعت 1,200 دولار مقابل وظيفة لم تدفع لي مقابل شهور من العمل الجسدي الشاق. كانت عبئا حملته حتى بعد عودتي إلى بلدي. ظلت لدي شكوك في تحصيل تعويضي حتى النهاية عندما حملت الشيك في يدي. بهذه الأموال، تمكنت من سداد المستحقات المدرسية لأولادي والتي كانت عالقة لشهور وإكمال بناء منزلي".
الكثير من العمال يستسلمون. في قضية وثقتها هيومن رايتس ووتش لتقرير في 2020، قال حارس أمن من كينيا (35 عاما)، دفع 1,123 دولار كرسوم توظيف ممولة بقروض، إنه كان يغرق في مزيد الديون لأن شركته أخرت المدفوعات ولم تدفع مقابل العمل الإضافي أبدا. "أحيانا أعتقد أنه ما من مخرج. سأكون محاصرا هنا أعمل إلى الأبد".
تابعت هيومن رايتس ووتش معه في 2022. في 2020، عاد إلى كينيا مع تعويض جزئي من صاحب عمله، لكنه لم يعد يأمل في استعادة بقية ماله. في 2021، عاد إلى قطر لوظيفة أخرى، لكنه دفع 1,320 دولار أمريكي كرسوم توظيف لشركة التوظيف، وهو مبلغ أعلى مما دفعه أول مرة سافر فيها إلى قطر. قال: لا يهم إذا كنا نسافر مجددا؛ إذا لم ندفع، لن نسافر. لذا، لا خيار لدينا".
في 2017، أدخلت اللجنة العليا نظام السداد الشامل الذي يفرض على المقاولين إثبات أنهم وظفوا عمالهم بشكل أخلاقي، وبالتالي نقل عبء الإثبات بعيدا عن العمال وعلى عاتق المقاولين. في 2019، عُزّز البرنامج من خلال مطالبة المقاولين بتقديم خطابات التزام مصدقة من وزارة العمل، والتي تسمح بحسب اللجنة العليا "بالتدخل الفوري لضمان التصحيح، أو بدلا من ذلك، يمكن للجنة العليا إشراك وزارة العمل لاتخاذ المزيد من الإجراءات" في حالة الإخلال بالالتزام.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى ثلاثة عمال وافدين عُوِّضوا عن تكاليف التوظيف بموجب البرنامج. قال أحدهم: "في البداية، كنت خائفا من إبلاغ إدارتي بأنني دفعت رسوما، لكن لاحقا، عندما تابعوا الأمر مرة أخرى وتأكدت من أن ذلك لن يكلفني وظيفتي، قلت الحقيقة. سددوا المبلغ إلى والدي في بلدي دون المطالبة بأي دليل على الدفع. لم أتوقع ذلك مطلقا".
تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا إلى ممثلين عن ثلاثة مقاولين تابعين للجنة العليا قالوا إن برنامج التعويض رفع معنويات العمال، حيث أزال عبء القروض عن العمال الذين اقترضوا لدفع رسوم التوظيف غير القانونية.
هذه المبادرة، رغم أنها واعدة، تغطي أقل من 50 ألف عامل، وهي نسبة ضئيلة من القوى العاملة الوافدة في قطر والتي تزيد عن مليوني عامل. مع ذلك، هناك دروس مهمة يمكن تطبيقها من هذا البرنامج لبرامج التعويض الأخرى، بما فيها الحاجة إلى تحويل عبء الإثبات من العامل الوافد إلى صاحب العمل.
تقدم حكومات البلدان الأصلية أيضا الحد الأدنى من الرعاية للعمال الوافدين العائدين أو عائلاتهم لتخفيف أو تعويض الانتهاكات الجسيمة التي يواجهها العمال الوافدون في البلدان المضيفة مثل قطر، لا سيما في حالات وفيات وإصابات العمال الوافدين. حتى وقت قريب، كانت هذه أحيانا الخيار الوحيد للانتصاف. إلا أن مستوى المزايا ومدى شمولها يختلف باختلاف البلدان الأصلية وينطبق فقط على العمال الحاصلين على موافقات عمل سارية. مع ذلك، يعني وجود هذه البرامج توفر كميات كبيرة من السجلات التي يمكن للسلطات القطرية الاستفادة منها لتوفير الإنصاف لوفيات العمال وغيرها من الإصابات أو الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الوافدون منذ فوز قطر بحق استضافة كأس العالم 2022.
تعتمد هذه البرامج على حفظ قوي للسجلات. مثلا، تختلف الوثائق المطلوبة لإعادة رفات العمال الوافدين إلى أوطانهم بحسب الدولة ويمكن أن تشكل تحديات إدارية كبيرة للعائلات لإعادتهم إلى الوطن. تشمل بشكل عام: التوكيل أو موافقة الوريث الشرعي، وشهادة الوفاة، وتقرير الشرطة، والتقرير الطبي، وفاتورة الشحن الجوي، وشهادة التحنيط، وشهادة عدم ممانعة من سفارة بلد المنشأ. إلا أن هذا يعني أن سجلات وفيات الوافدين متوفرة بشكل كبير في كل من قطر وفي قواعد بيانات حكومات البلدان الأصلية والتي قد تكون مفيدة في تصميم وتنفيذ نظام تعويض فعال.
كما أن لهذه الأنظمة مشاكل مختلفة، بما فيها نقص الوعي بين العمال الوافدين أو بطء الاستجابة بسبب نقص الموظفين أو تحفظ الموظفين القنصليين عن المتابعة الاستباقية مع السلطات أو الشركات القطرية المعنية. أخيرا، هناك أيضا السفارات القطرية و"مركز تأشيرات قطر" في البلدان الأصلية والتي يمكن أن تلعب دورا تسهيليا مهما في تنفيذ برنامج الانتصاف الشامل، كما لوحظ في حالة اثنين من العمال الذين قابلناهم في إطار هذا البحث والذين تلقوا أجورهم المستحقة من صندوق دعم العمال عن طريق سفارة قطر.
[iii] مثلا، حصلت هيومن رايتس ووتش على سجل بـ 12,247 شكوى عمالية تلقتها السفارة الهندية في الدوحة من 2016 حتى أكتوبر/تشرين الأول 2020. من بين 2,157 شكوى وردت في 2020، مثلا، كانت فئات الشكاوى الشائعة هي التعويضات (15)، ورفات المتوفين (323)، ورواتب أو مستحقات (235)، ودعم الإعادة إلى الوطن (1,204). في 2020، تلقت السلطات السريلانكية 506 شكوى من السريلانكيين المقيمين في قطر.